تاريخ صناعة الحلي
أصبحت عملیة الاهتمام بـالتراث الشـعبي مـن الظـواهر البـارزة عنـد معظـم الشـعوب فـي عالمنـا المعاصــر، فشــكلت اللجــان وجمعيات الفنــون الشــعبية، والفــت كتــب وقامت دوریات، وأقیمـت مهرجانات وأنشـئت متاحف، وكـل ذلـك لإبـراز التـراث الشـعبي الـذي یمیـز الشـعوب عـن بعضها.
إذا كــان الاهتمـــام بـــالتراث مـــن الأمـــور الطبيعية لــدى معظــم الشـــعوب، فــإن الاهتمام بتــراث الشعب الفلسطیني واجباً ويحمل بعـداً إضـافیا بسـبب واقـع الاحـتلال الـذي نعـاني منـه یومیـا، وما یقـوم بـه مـن محــاولات انتحـال لتراثنـا، وفصـل حاضـرنا عــن ماضــینا بهـدف تفریغ الأرض من سكانها، والحلي هي احدى أوجه هذا التراث الفلوكلوري، الذي من المهم التمسك به، فالحلي العربية واحدة من المنتجات التراثية التي أصبحت جزءاً من تراثنا العربي النادر الوجود، والتي تناقلتها الأجيال عبر السنين الماضية منذ الحكم العثماني وحتى أواسط القرن العشرين.
تطور الأدوات المستخدمة لصناعة الحلي تاريخياً:
كانت الحلي وسيلة من وسائل الزينة لدى المرأة العربية باتخاذها أشكالاً وأنماطاً مختلفة ومتعددة، وهي مهمة للعرائس بشكل خاص إذ تقدم لهنّ مع مهورهن لما لها من دور أساسي في مظهر المرأة. وصناعة "الحلي" صناعة قديمة قدم الحضارات الإنسانية، قد عُرفت منذ العصور الحجرية عندما استخدم الإنسان الأصداف، وقشور بيض النعام، وعظام الحيوانات وأسنانها، وكذلك النباتات والألوان، والأحجار الملونة، وقد ضمت العديد من المناطق الأثرية رسوماً جدارية تظهر ولع القدامى الشديد بالحلي، وتضمنت هذه الرسوم مشاهد لأشخاص- أغلبهم من النساء- يرتدون مختلف أنواع الحلي؛ ومنها القلائد العريضة وصفوفٌ من الخرز وقطع لها نهاية على شكل نصف دائرة.
وهناك حلي مصنعة من الحجارة والطين والعظام والعاج. وقد ترك اكتشاف المزيد من المعادن والأحجار الكريمة وانتشارها تأثيره الكبير، فتهافت الناس على اقتناء الحلي، وتطورت طريقة التصنيع وأدواته حتى وصلت إلى درجة عالية من المهارة والإتقان.
واستمر اهتمام المرأة الفلسطینیة بزینتها عن طریق الحلي على مدى العصور مع بعض الاختلافات البسيطة. إذ أن الحلي والمجوهرات كان لها دورها الحضاري في تاريخ الشعوب، كما أن التصاميم والتقنيات المتبعة في هذه الحلي كانت تعكس الذوق العام لتلك الشعوب، في الثقافة الفلسطينية غالبـا مـا یتـدخل عنصـر الزخرفـة لیعطـي الـزي الشـعبي الفلسـطیني شخصــیته المتمیـزة المحلیـة والوطنیــة، ، ٕوان أهمیــة الزخــارف فــي الأزیــاء والحلــي فــي بعـض الأحیــان لا تعنــي المغــالاة فیهــا لأنهــا مجـــرد عنصـــر مســـاعد فـــي إظهـــار المظـــاهر الجمالیـــة والطبیعیـــة العدیـــدة فـــي حیـــاة وعـــادات الـــبلاد والشعوب، فالزخارف یكون لها مغزى رمزي، فالشمس والنجـوم والقمـر كلهـا تظهـر فـي صـور زخرفیـه، ومثال ذلك استخدام بعض الرموز المائیة والفلكیة على الأدوات الفلسطينية لتعكس نتاج زخرفـي متنـوع مستوحى من البیئة الطبیعیة البریة والبحریة، ومن الناحیة الأخرى تحكم الأحوال الجویة اختیار نقوش.
أنواع الحلي وأدوات الزينة:
وفي العصور التاريخية تطورت الحلي وتطورت تقنية تصنيعها، واستخدمت فيها المواد النفيسة من معادن وأحجار كريمة، وأهم المعادن المستعملة هي الذهب، غير أن استعمال الفضة والبلاتين شائع كذلك ، وهناك الكثير من أنواع الحلي التي كان من بينها أمشاط للشعر صُنعت من العاج، ومرايا الزينة المميزة التي كانوا يتفاخرون بطريقة زخرفتها، وعقود من الخرز المتعدد الأشكال والألوان.
كما استعملت المـرأة الكنعانیـة الـدبابیس الذهبیـة لشـبك الثیـاب (بروش) وكانوا يطرزونها بنقشاتهم العريقة التي تداولوها الأجيال حتى يومنا هذا.
وأغطیة الرأس المحلاة بالذهب والفضة، منها عصبات الرأس المميزة المليئة بالتطريز الفلاحي والتي تتزين بعملات معدنية، ومن أدوات الزينة التي تطورت على مر السنين أيضاً الحزام أو الزنار الذي كانت تلبسه المرأة على خصرها وتزينه بأجمل النقشات والزخارف لتضيف لمسة من الفخامة على زيها التراثي.
وقد أُدخل فن التطريز التي كانت النساء الفلسطينيات يتباهين بمعرفتهن به في صناعة الحلي وأدوات الزينة، فما كانوا ينفكون عن إضافته لكل مكان، فتميزوا بالاكسسوارات والحلي وأدوات الزينة المطرزة التي تحمل قيمة معنوية أعلى من كل أنواع الحلي الثمينة.
ولا يمكن أن ننسى أدوات الزینـة الأخــرى كــالحلي مثـــل الأســـاور والسلاســـل والقلائــد وغیرهـــا والتـــي زخرفــت بالـــذهب والفضـــة والمـــاس، كمـا ابتكـرت الأحجـار الكریمـة كالیـاقوت والزمـرد، بالإضـافة إلـى الخـرز وخیـوط الحریـر والقصب المستخدم في التطريز لتزدان كل امرأة بقطعة من اختيارها تحمل لمستها الخاصة التي قامت بتطريزها بنفسها.
فالقلائد تنقسم إلى قلائد الخرز والقلائد الذهبیة، أما العقـود فهـي مكونـة مـن قطـع القمـاش يتوسطها قلادة مطرزة، وهناك عقود يكون مثبـت علیهـا قطعـة معدنیـة أو قطع متعددة، ویتـدلى مـن وســطها قطعــة هــلال، ویتصــل بطرفــي القمــاش قطعتــین مــن العملــة الفضــیة.
وعلى اختلاف الأسماء والمصطلحات التي تم اطلاقها على الحلي لكنها تتشابه في ماهيتها بين جميع البلدان والمدن الفلسطينية، فهناك حلية اليد التي قد يطلق عليها اسوارة، أو السوار، أو المفتول أو القلب أو الخصر، وحلية الأصابع وهي الخاتم، وحلية الرجل وهي الخلخال، وحلية العنق وهي القلادة أو العقد أو السكارف، وحلية الأذن وهي الأقراط أو الحلق، وفي متجر السندس بالإضافة لتوفيرنا الأزياء التراثية والأثواب الفلسطينية نعمل على توفير هذه الحلي والاكسسوارات المطرزة أيضاً.
>