
الزخارف الإسلامية وتوظيفها في المطرزات الشعبية
الزخارف الإسلامية
الزخارف الإسلامية من الزخارف العريقة التي ظهرت منذ عهد الخلفاء الراشدين، واكتُشفت تلك الزخارف من خلال الفتوحات الإسلامية الكبيرة، والتي امتدت في جميع أنحاء العالم.
وقد تميزت الزخارف الإسلامية بخصائص مميزة كان لها عظيم الأثر في إبراز المظهر الحضاري لنهضة المسلمين، كما لها مزاياها وأشكالها الخاصة التي تميزت بها عن سواها من زخارف غربية أو آسيوية أو أفريقية. وهذه الزخرفة مستمدة من التراث الشرقي العربي القديم، وقد غلب عليها منذ مجيء الإسلام طابع ديني، وما زال الطابع الديني هو الطابع الذي تمتاز به الزخارف حتى يومنا هذا، وهي لا تخضع لمنظومة موحدة من التصميم، فقد استُعمل فيها العديد من الأشكال والألوان والمواد التي كانت سائدة في العالم الإسلامي.
وكلها تعتمد على ما أسماه بعض مؤرخي الفن الإسلامي؛ السكينة والراحة الروحية والجسدية والتأمل والبساطة. ومن هنا نرى كم اعتمد فن الزخرفة الإسلامي على الألوان والضوء ووسع المساحات، إذ استخدم المسلمون الزخارف الهندسية في العديد من أنواع الفنون المختلفة، مثل الخزف، وأعمال تبليط الجيرة، ونوافذ الجالي المثقبة، والجلود، والأعمال المعدنية، والأسقف المعقودة المقرنصة، والزجاج الملون، والأعمال الخشبية.
وتعد الزخارف الإسلامية مصدراً مهماً ومتجدداً لتصميم وطباعة المنسوجات، وينظر للفن الإسلامي كمصدر إلهام من حيث تطويع الشكل والإستلهام منه ومن حيث الألوان والخامات خاصة في مجال التطريز الذي لا بد أن يتأثر بكل الفترات الزمنية التي مرت بنا، فما هي هذه الزخارف الإسلامية إلا جزءاً من التراث والتاريخ الذي تحاول نقشات التطريز تصويره والمحافظة عليه.
كيفية توظيف مفردات الزخارف الإسلامية ودلالتها في التطريز
لما كانت عملية التطريز والمطرزات جزءاً لا يتجزء من عالم صناعة الموضة المتغير باستمرار، والذي يخضع بدوره لاتجاهات الموضة المتغيرة طبقاً للمواسم المختلفة، فموضة الخريف تختلف اختلافاً تاماً عن موضة الربيع أو الصيف، كما تختلف الألوان الملفتة في كل موسم، ولا بد من القول بأن التطريز على الأقمشة جزء مهم في صناعة الموضة وخاصة على المستوى المحلي.
وبما أن الأزياء والألبسة هي أداة ناقلة للمعلومات الخاصة بالمجتمع، وتشكل جزءاً لا يتجزء من حقل الدراسات الاجتماعية والتاريخية، ولذلك وبما أن الأزياء المطرزة هي نوع خاص من الفلكلور، وهي من الفنون الشعبية التي تم تناقلها جيلاً بعد جيل، الأمر الذي حملّها المزيد من المسؤولية إزاء نقل هذه المعلومات التاريخية إلى عيون المواطن، ولا بد من اعتبار الزخارف الإسلامية جزءاً من تاريخ أي مواطن عربي مسلم، لذلك فإن توظيف هذه الزخارف في عملية التطريز هو من الأولويات التي يجب العمل عليها، خاصة مع اهتمام العديد من دور الأزياء الغربية والعربية بطباعة هذه الزخارف على أزياءهم.
ومن المهم وضع اعتبارات علمية وفنية عند اختيار أساليب التطريز المختلفة بحيث تلائم التركيب النسجي والشكل العام الجمالي والوظيفي، فبعض أساليب التطريز لا تتفق مع بعض خامات النسيج التي قد تبدو مذهلة إذ اختلف أسلوب التطريز المتبع عليها، ومن أكثر النقشات التي يتم استخدامها بكثرة في المطرزات الشعبية النجمة الإسلامية، ومن المنتجات التي استخدمت بتطريزه هذه النقشة هو فستان الحورية.
الزخارف الإسلامية التي من الممكن تطبيقها على المطرزات الشعبية:
من أهم الزخارف التي يتم استخدامها في عملية التطريز الفلسطيني هي التصاميم الهندسية وقد غلب عليها تكرار استخدام مجموعات المربعات والدوائر، التي يمكن أن تتداخل وتتشابك كفن الأرابيسك، وقد استوحيت الأشكال الهندسية الإسلامية بالأساس من تصميمات أبسط كانت قد استخدمت في الحضارات الإغريقية والرومانية والساسانية القديمة.
كما لعبت الدوائر دورًا رئيسيًا في بنية تلك الزخارف، فتم استخراج العديد من الأشكال الهندسية متساوية الأضلاع والزوايا منها كالمسدس والمثمن والمثلث والمربع والمخمس، وكان المزخرفون يملؤون بعض المساحات بهذه الأشكال أو يتركون بعضها فارغاً لتكوين أشكال زخرفية مبتكرة وتم استخدامها في نماذج معقدة، تستوقف عين الرائي قبل انتقاله بها من جزء إلى جزء.
وفي الصورة أدناه مثال على احدى الزخارف التي تزينت بها الأزياء في النهضة الإسلامية، والتي تتشابه إلى حد كبير مع التطاريز المستخدمة في قفطان ريفان
وقد استخدموا قديماً نظامًا قُسّمت فيه الشبكات الهندسية إلى وحدات متماثلة تتكرر في إطراد منتظم. ويتم ذلك بتقسيم المساحة إلى مربعات أو مسدسات متشابهة في الحجم، يرسم داخل كل وحدة شكل هندسي يؤخذ على أنه أساس الشبكة التي سيبنى عليها مخطط تلك الوحدة. وترتبط كل وحدة من كل الجهات مع وحدات أخرى متماثلة لتؤلف الشكل الإجمالي لتلك المساحة. فساعدت تلك الطريقة في عملية تكبير وتصغير المخططات الزخرفية بسهولة على أساس العلاقة النسبية بين الأشكال الهندسية. تماماً كقفطان بنان الذي تقوم زخرفاته على أساس الأشكال الهندسية وتداخلاتها
فكثيراً ما يتم تصيير هذه الخطوط والأشكال خيوطاً تزهو بها أزياؤنا وتعبر عن تراثنا، والتي تمثل جزءا مهماً من تاريخ وهوية وثقافة الأمة الإسلامية ونتاجها الحضاري عبر القرون، ومتجر السندس خير مثال لهذا العمل