
في تاريخ الفواصل والكتب
لأننا في متجر السندس نبذل أقصى جهدنا في استذكار أنماط التراث التي كانت متواجدة سابقاً والرجوع إلى ثقافتنا العربية الزاخرة بكل أنواع المعرفة والتعلم، ولأن القراءة كانت وما زالت من أهم الخطوات في استذكار واسترجاع التراث العربي والثقافة العربية كان لا بد لنا أن نشجع ونحبذ هذه العملية المهمة ذات الأثر المباشر والعميق في فهم كل الأمور التي تجري من حولنا.
والخطوة التالية بعد اختيار الكتاب الذي نأمل أن يضيف لنا رصيد معرفي هي اختيار الفاصل المناسب لهذا الكتاب، وتكمن أهمية فواصل الكتب في فائدتها العملية فهي تذكرنا في أي صفحة كنا ومن أين سنبدأ، وتتنوع فواصل الكتب في أشكالها وأنواعها حيث كانت تصنع من الورق وتارة من الجلود وتارة أخرى من الحرير الرفيع.
تاريخ فواصل الكتب:
ويرتبط تاريخها بتاريخ تطور الكتاب نفسه، إذ يرجح الخبراء أن فواصل الكتب كانت متواجدة منذ بداية استخدام المخطوطات في القرن الأول الميلادي التي قد يصل طولها إلى 40 مترًا أو أكثر والمصنوعة من ورق البرد، أما أقدم فاصل كتاب تم العثور عليه فهو يعود إلى القرن السادس الميلادي في سقارى في مصر وهو مصنوع من الجلد المزخرف، وتعتبر العصور الوسطى فترة ازدهار لفواصل الكتب إذ استُخدمت فيها بكثرة لأن حركة الطباعة كانت لا تزال في بداياتها وكانت الكتب المطبوعة نادرة جداً وذات قيمة عالية، فكانت فواصل الكتب الحل الأمثل لتحديد الصفحة دون التسبب بضرر في الكتاب مثل ما كان سيحدث في حال ثني الصفحة أو إبقائها مفتوحة لمدة طويلة.
أشكال فواصل كتب:
وكانت فواصل الكتب تأتي في جميع الأشكال والأحجام والمواد المختلفة منذ بداية اختراعها مثل الذهب، النحاس والبرونز واللؤلؤ والجلد والعاج، وكان أغلبها على شكل سيوف؛ لأنها كانت تستخدم أيضًا كقاطعات للورق لأن صفحات الكتب لم تكن مفصولة تمامًا بداية عهد الطباعة، أما فواصل الكتب المستخدمة في القرن الثامن عشر والتاسع عشر فلا تزال تستخدم حتى الآن، وهي عبارة عن خيط شريطي ملتصق بأعلى الكتاب يمتد بما يكفي و يتدلى من أسفل الكتاب.
فواصل الكتب المطرزة يدوياً:
أما فواصل الكتب المنفصلة فقد بدأت في الظهور في بريطانيا حيث كانوا ينسجون فواصل الكتب يدوياً في خمسينيات القرن التاسع عشر في العصر الفيكتوري. فكانت السيدات يعلمن بناتهن التطريز، ونظراً لكونهن مستجدات كانت فواصل الكتب أفضل خيار لكونها قطع صغيرة ويمكن اعتبارها عينات من القماش تعزز مهاراتهن في التطريز، أما في الهند فكانوا يصنعون فواصل الكتب من العاج.
كما وكانت الفتيات في البلاد العربية قديماً يتباهين بمهارتهن في التطريز بصنع فواصل الكتب، وما زلن وإن قل عدد من يتقن هذه المهارة، وهذه الفواصل المصنوعة يدوياً كانت وما زالت تحمل قيمة معنوية إضافية لخصوصيتها وفرديتها.